السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحكمة من إيجاد الشر من شرح الأربعين النووية لابن عثيمين رحمه الله
الحكمة من ذلك :-
ومن الحكمة أن يكون في المخلوق خير وشر، لأنه لولا الشر ما عُرف الخير، كما قيل ( وبضدها تتبين الأشياء ) فلو كان الناس كلهم على خير ما عرفنا الشر، كما أنه لا يعرف الجمال إلا بوجود القبيح، فلو كانت الأشياء كلها جمالاً ما عرفنا القبيح.
إذا إيجاد الشر لنعرف به الخير، لكن كون الله تعالى يوجد هذا الشر ليس شراً، فهنا فرق بين الفعل والمفعول، ففعل الله الذي هو تقديره لا شر فيه، ومفعوله الذي هو مُقدّرهُ ينقسم إلى خير وشر، وهذا الشر الموجود في المخلوق لحكمة عظيمة.
فإذا قال قائل: لماذا قدّر الله الشر ؟
فالجواب: أولا: ليُعرف به الخير.
ثانيا: من أجل أن يلجأ الناس إلى الله.
ثالثا: من أجل أن يتوبوا إلى الله.
فكم من إنسان لا يحمله على الوِرد ليلاً أو نهاراً إلا مخافة شرور الخلق، فتجده يحافظ على الأوراد لتحفظه من الشرور، فهذه الشرور في المخلوقات لتحمل الإنسان على الأذكار والأوراد وما أشبهها، فهي خير.
ولنضرب مثلاً في رجل له ابن مشفق عليه تماماً، وأصيب الابن بمرض وكان من المقرر أن يُكوى هذا الابن بالنار، ولاشك أن النار مؤلمة للابن، لكن الأب يكويه لما يرجو من المصلحة بهذا الكي، مع أن الكي في نفسه شر لكن نتيجته خير.
وإذا علمت أن فعل الله عزّ وجل الذي هو فعله كله خير اطمأننت إلى مقدور الله عزّ وجل واستسلمت له تماماً، وكنت كما قال الله عزّ وجل: (( وَمَن يُؤْمِنْ بِاللهِ يَهْدِ قَلْبَهُ )) [التغابن:11] قال علقمة: هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويُسّلم.